وسط الدمار وصوت القذائف المتساقطة فوق رؤوس المدنيين، يعيش المرضى في غزة واحدة من أقسى المآسي الإنسانية التي لا تُروى ولا تُرى. وبينما ينشغل العالم بأخبار الجبهات وأرقام الشهداء، تبقى فئة من المرضى تقاوم بصمت خلف جدران المستشفيات المنهكة والمراكز الطبية التي أنهكها الحصار والعدوان.
لقد قلبت الحرب موازين الرعاية الطبية رأسًا على عقب؛ تعطلت سلاسل الإمداد، ونفدت أكياس الدم، وانهارت البنية التحتية الصحية في كثير من المناطق، لتتحول رحلة العلاج إلى معركة جديدة عنوانها: "البقاء على قيد الأمل".
ومع استمرار القصف، بات الوصول إلى المستشفيات مغامرة محفوفة بالموت. أمهات يحملن أبناءهن المرضى بين الأنقاض، وآباء ينتظرون دورهم في طوابير طويلة أمام بنوك دم شبه خاوية، وأطباء يبذلون قصارى جهدهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وسط العجز وقلة الإمكانيات.
في هذه الفوضى، يعيش مرضى السرطان، ومرضى التلاسيميا، والفشل الكلوي، ونقص التغذية معاناة مضاعفة، حيث يحتاجون إلى علاج دوري ومتابعة مستمرة وأدوية حيوية لم تعد متوفرة. فجلسات الغسيل الكلوي تتوقف، وأدوية السرطان تنفد، وأكياس الدم الضرورية لمرضى التلاسيميا تختفي، فيما يزداد عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد يومًا بعد يوم.
ومع كل يوم يمر دون علاج، يقترب المرضى من مضاعفات خطيرة كفشل القلب والكبد والطحال، إلى جانب تدهور نفسي يفوق الوصف. كثيرون منهم يسألون ذويهم: "متى سينتهي هذا الكابوس؟"، وآخرون توقفوا عن السؤال... وبدأوا العدّ العكسي بصمت.
إن معاناة المرضى في غزة اليوم ليست مجرد حالة صحية، بل جرح إنساني مفتوح ينزف وسط تجاهل العالم. فهم لا يطالبون إلا بحقهم في الحياة، في الدم النقي، في الرعاية، في الدواء، في البقاء.
في زمن الحرب، قد تُهدم البيوت وتُدمَّر الجدران، لكن لا يجوز أن تُهدم قيمة الإنسان، ولا أن يُترك المرضى وحدهم في ساحة الموت.
أنقذوا مرضى غزة... فالحياة لا تنتظر.












-
6 المتبرعين